محمد علي والي مصر و مؤسس الأسرة العلوية
يتحدث الكثير عن الأسرة العلوية وبعضهم يفهم ويدرك وبعضهم لا يعرف عنها
شيئاً , نعم لا يعرف أن هـذه الحقبة التاريخية المجيدة من تاريخ مصر
الحديثة كانت حقبة مضيئة سطر فيها التاريخ وكتب عنها بأحـــرف من نور في
صفحات بيضاء كالثلج
بخطوط لؤلؤية تطير سروراً كالفراشات فيحملها نسيم عليل في ليلة قمراء
ويبعثرها على أزهار الحنين والأمل فتطير الفراشات فتطيل الوقوف تتأمـل
فتتعلق
سيقانها بالزهور كي تشم أريج العزة والكرامة وتتأرجح تلك الخطوط اللؤلؤية
كالعصفور على أغصـان الشجر , وأحيانا تبكي وتشدو مغردة بألحان الشجـن وتشرب
من
كأس المرارة والألم , كتب التاريخ وسجل كل هذا دون تزييف عن تلك الحقبة
التاريخية التي يجهلها الناس تارة ويظلمها تارة أخرى وهنا نحاول جاهدين
بالقاء الضوء عنها بمصداقية وشفافية وذلك بكشف الغطاء عن أسرار وحقائق تعمد
البعض في اخفائها وطمثها من ذاكرة التاريخ
محمد علي باشا :
هو محمد ابراهيم أغا علي من سلالة ألبانية عرفت باسم الأرناؤود وهي أقلية مسلمة ببلدة " قولة " ألقابـه : عزيز مصر - أسد الشرق و أيضاً محمد على باشا القوللى, والي مصر و مؤسس الأسرة العلوية التي حكمت مصــر و الســودان 150 سنة من 1805
حتى سنة 1953
محمد على باشا حكم مصر من 17 مايو 1805 حتى1
سبتمبر 1848 و هو مؤسس مصر الحديثه وبغض النظر عن اخفاقاته
كان سبب نهضتها و نقل مصر من غبار العصور الوسطى الى مجد العصر الحديث , حيث أطلق عليه المؤرخون لقب :
" أسد الشرق (نظراً لفتوحاته الحربية) "
وفي عام 1848 تولى ابراهيم باشا حكم مصر في حياة أبيه حيث أصاب الخرب عقل محمد علي وفي العام نفسه توفى الوالي ابراهيم باشا, ليأتي عباس باشا والياً على مصر.
وفي عام 1849 مات "أسد الشرق" (محمد علي باشا الكبير) في قصر رأس التين بالأسكندرية ونقل جثمانه الى القاهرة ليدفن حسب وصيته بمسجده المعروف الذي بناه بالقلعة وهو مسجد محمد علي الذي يدل ويؤكد على عظمة ومجد هذا العصر وتلك الحقبة التاريخية وأيضاً يشهد ويؤكد عظمة هذا الرجل ومجد عهده.
بداية حياة محمد علي باشا
محمد علي من مواليد سنة 1769 فى قريه اسمها الآن كاڤالا ( Kavala ) فى دولة مقدونيا على بعد
320 كم غرب اسطنبول، كاڤالا
كانت فى ذلك الوقت من أملاك الأتراك العثمانيين فى بلاد البلقان,ولكن يقال ان أبيه و أمه كلاهما من أصل ألبانياً، أبوه كان اسمه ابراهيم آغا علي كان يعمل خفير طرق و أنجب 17 ابن كلهم ماتو ماعدا محمد
على. أم محمد تدعى "زينب", فى سنة 1773 كان عمره لم يتجاوز اربعة أعوام توفى والده وأصبح محمد على يتيماً, و بعد فترة وجيزة ماتت أمه ,وتدعى "زينب"، فكفله عمه طوسون آغا لكنه ما لبث أن مات هو الآخر فظل محمد على وحيداً فأخده صديق عمه ويدعى (اسماعيل) و تكفل به فى بيته مع
أولاده.
محمد على عاش يتيماً وعانى الكثيرفى طفولته و صباه و يقال انه بعد
ما تولى حكم مصر كان يحكى للمقربين اليه عن المعاناه التي لاقاها و هو طفل و يقول:
" أنجب والدي سبعة عشرة ولد ولم يعش منهم غيرى انا ، و لذلك كان أبي يحبنى ويخشى كثيراً على حياتي، لكنه توفى ، و كنت أسمعهم يقولون هذه الجمله التي لم أنساها طوال حياتي : " ترى ما مصير الولد التعيس
هذا بعد أن مات ابوه و امه ! ". فكنت أجتهد وأسعى في عملي بهمة ونشاط حتى أنجو بنفسي من أحوالي وقسوة الحياة واليتم والفقر والحرمان من التعليم ومن كل شيء وتبديلها الى الأفضل.
وقد عرف عن محمد علي الاخلاص وهذا ما دفعه ان يسمى أبناءه على أسماء من عرف ومن أحبهم وهم الذين تكفلوا به وحنوا عليه , فسمى أولاده الكبار على أسماء هؤلاء .
فابنه البكر ابراهيم ( وهو اسم ابيه ) , طوسون ( على اسم عمه ) , اسماعيل (على اسم صديق عمه)
وصف محمد علي باشا الكبير
كان محمد علي باشا صاحب القامة القصيرة,والبنيان القوي,والعينان الزرقاوتان,صاحب نظرة حادة
يحكى ان محمدعلى فى صباه كان يزور فى كاڤالا
تاجر فرنسي كبير
اسمه مسيو ليون. هذا التاجرالفرنسي كان يحب محمد علي ويعطف عليه كثيراً نظراً لحالته وظروفه المعيشية الصعبة ولأنه نبيهاً , و يقال ان
بعد ما تولى محمد علي حكم مصر ارسل للمسيو ليون فى سنة 1820 دعوه خاصة يستضيفه فى
مصر و قبل المسيو ليون الدعوه لكن توفى قبل الحضور الي مصر فحزن عليه محمد على و بعث لأخته هديه قيمتها عشرة آلاف فرنك.
تربى محمد على فى بيت صاحب عمه اسماعيل فى
راوسطا ، و مثله مثل أولاد المنطقه تعلم من صغره اللعب بالسيف و أثبت مهارته في المبارزة،
فلما كبر انضم للجهاديه التي ألحقه بها حاكم قولة حيث ظهرت مواهبه في الضبط والشجاعة ، و لما أثبت قدراته فى تحصيل الضرائب اكتسب ثقة الحاكم ورقاه لرتبة بلوك باشى و زوجه من السيدة " أمينه
هانم نصرتلى " كانت ميسورة الحال ، فترك محمد على الجهاديه وانتقل الى نصرتلي مقر زوجته كما
دخل عالم التجاره و اهتم بتجارة التبغ والدخان و كانت تجاره رائجه فى المنطقه آنذاك , و حقق مكاسب منها واكتسب ثقافات متعددة لاختلاطه بتجار أوروبا و نجح في تجارته و اشتهر. والجدير بالذكر أن حب محمد على للتجارة كان قد اكتسبه من مسيو ليون التاجر
الفرنسى الذي كان يشفق عليه فى طفولته و بطبيعة الحال كان هذا من اسباب اهتمامه
بالتجاره بعد ما حكم مصر.
ظل محمد على يعمل فى التجاره حتى قرر الباب العالي في سنة 1801 اخراج الفرنسيين من مصر. وقد تختلف الروايات في تفسير سبب رجوع محمد علي مرة أخرى الي سلك الجندية فهناك من يقول انه تطوع في صفوف الجيش العثماني الذاهبة الى تحرير مصر من فرنسا التي غزت مصر سنة
1798 بقيادة نابليون بونابرت فى
الحمله المعروفه باسم الحملة الفرنسية التي هزموا فيها المماليك واحتلو
مصر و ظلوا فيها ثلاث سنوات وهناك روايات أخرى تقول مؤكدةً أن هناك خلافاً كبيراً نشب بين محمد علي وبين حاكم قولة الأمر الذي دفع الأخير بدفع والزام محمد علي بالانضمام الى سلك الجندية عن طريق تزكية اسمه لدى السلطات العثمانية واجباره على الالتحاق بالجندية, و كان السلطان العثمانى سليم الثالث يدعو الى نفير الحرب والجهاد فبدأ يجمع خيرة شباب الامبراطورية العثمانية لارسالهم الى مصر فبعث عسكر يحارب بها الفرنسيين حتى يخرجهم
من مصروكان أيضاً هذا يتم بمساعدة الانجليز,فأراد حاكم قولة ان يبعد محمد علي عن المنطقة بأسرها سواء نصرتلي أو قولة.
فى سنة 1801 بعث العثمانيين حمله كبيره الي مصر تحت قوماندية حسين قبطان
باشا بمشاركة بريطانيا
نزل محمد علي باشا الى شواطيء الأسكندرية - ساحل أبي قير - بصفته القائد الثاني في فرقة الأرناؤود أي أنه كان قائداً مثل غيره من القواد في الفرق العثمانية وعند وصوله مدينة الأسكندرية شعر أنها تشبه مدينته "قولة"(كافالا)
مدينة كافالا حالياً
البيت المولود فيه محمد علي في كافالا
يافطة شارع محمد علي في كافالا
تمثال محمد علي باشا في مدينة كافالا
وصول محمد علي باشا أرض الكنانة مصر المحروسة
كيف ومتى وصل محمد علي مصر؟
قبل ان نتحدث عن كيفية وصول محمد علي القاهرة لابد ان نتحدث عن أمراً جد هام ألا وهو محاولات العثمانيين لاخراج الفرنسيين من مصر وكان هذا بمساعدة بريطانيا كما أشرنا من قبل
الاسطول الانجليزي ساعد العثمانيين لطرد الفرنسيين من مصر
والآن هيا بنا نبحر سوياً في ذكريات من زمن فات
محمد على كان ضمن المرتزقه الألبان الذين انضموا
للقوات البحريه بعد تجنيده فى "راوسطة" كمعاون لعلى آغا على راس 300 مرتزق ألبانى (
ارناؤود ).( على آغا كان ابن اسماعيل الرجل الذي تكفل بمحمد
على). لما وصلت المراكب أبوقير انتصر عليها الفرنسيين فرجع على آغا الى بلده وترك عساكره تحت قيادة محمد على الذي فى
هذه الغضون تم ترقيته لرتبة "سرسشمة". العثمانيين بعد ذلك استطاعوا بمعاونة الاسطول الانجليزى أن يغلبوا الفرنسيين و تمت اتفاقيه انسحبت فيها الفرنسيين بموجبها من مصر فى سبتمبر
1801..
تم تعيين محمد خسرو باشا والى على مصر بمساعدة حسين
قبطان باشا حيث ان خسرو كان فى الأصل من مماليكه. و بعد تعيينه نزح الي القاهره و
قضى على من كانوا مواليين للفرنسيين و كان معه اوامر سريه بالقضاء على المماليك
المصريه بأى طريقه ، فبعث بفرقة الى الصعيد حتى
تقضى على المماليك الموجودين هناك فلما أحسوا المماليك بالخطر اتصلوا بالفرنسيين و
استنجدوا بهم لكن الاتصالات لم تؤتي ثمارها بنتيجه لكن فرقة خسروباشا هى أيضاً لم تحقق شيئاً و رجعت من الصعيد، و استمر خسرو باشا يحارب المماليك فى مناطق مختلفه و يشن
حملات عليهم. فى احدى الحملات أمر محمد على ، الذي كان فى هذه الغضون برتبة
سرسشمه أي قائد ألف وفي 6 مايو سنة 1803 تمت ترقيته مرة أخرى ليصبح قائداً عاماً لفرقة الألبان والأرناؤود و ظل قومندان "قائداً"على 4000 جندي ألبانى ، أمره أن يذهب يساعد الحمله لكن الحمله
فشلت بهزيمتها قبل أن يصل محمد على بعساكره فأعاز قومندان الحمله بإن تأخر محمد على فى
الوصول كان سبب هزيمته و بعث بلاغ لخسرو باشا. خسرو باشا لم يكن يحب محمد
على صدق الموضوع و أمر فى السر بقتله و كتب له انه لابد ان يذهب يقابله فى منتصف الليل
لمناقشة ثمة أمور ، لكن محمد على لم يبلع الطعم و فهم انه ينوي لقتله فلم يذهب
واتصل سراً بالمماليك المصريه وتحالف معهم ضد خسرو باشا و استطاعوا انهم يخرجوا خسرو
باشا من القاهره فهرب على دمياط وعينوا
مكانه طاهر باشا، لكن طاهر باشا تم قتله و احتل محمد على قلعة القاهرة فراح
أحمد باشا والى الشرطه ينصب نفسه والى لكن استطاع المماليك ان يطردوه من القاهره و
راحوا على دمياط و حاربوا خسرو باشا واسروه و رجعوا به على القاهره و سجنوه فى
القلعه.
لما السلطان العثمانلى فى اسطنبول عرف بما حصل
فى مصر بعث والى اسمه على باشا الجزائرلى و بعد وصوله القاهره بدأ يكيد للمماليك
و محمد على.
المماليك كان لهم زعيمين الأمير محمد الألفى و
الأمير عثمان البرديسى و الاثنين كانوا يتنافسون على السلطه. الألفى
من قبل كان قد ذهب الى انجلترا من أجل أن يطلب من الانجليز الدعم والمساندة ضد البرديسى ، و لما رجع
مصر انتهز محمد على الفرصه و حرك غريمه البرديسى ضد الالفي فعمل للالفى مكيده لكن فلت
منها و هرب على الصعيد,و فى سنة 1804 حرك محمد على الألبان
على البرديسى و اتفق معهم انهم يتمردوا و يطالبوا بأجورهم المتأخره فثاروا و هددوا البرديسى لعدم دفع مرتباتهم المتأخره ، فقام البرديسى حتى يستطيع أن يدفع
المرتبات بفرض ضرائب مبالغ فيها على سكان القاهره و كان يحصلها بعنف و قسوة فثار عليه
أهل القاهره وخرجت مظاهرات تنادى وتقول : " ايش تاخد من تفليسى يا برديسى " و
اضطر يهرب من القاهره ولم يعد اليها مرة أخرى.
بعد ماهرب الأميرين لم يبقى من رجال السلطه فى
القاهره سوى محمد على الذي راح يجمع العلماء والمشايخ حوله و تفاوضوا معاً على
اطلاق سراح خسرو باشا و اعادته لمنصبه فوافق محمد على وأعاده لمنصبه لكن لم يظل فى المنصب سوى يوماً واحداً ارسل بعدها على رشيد و من هناك على الاستانه و كل هذا كان بمكرو
تدبير محمد على الذي بعد ما خلص من خسروباشا تظاهربإن مصر تحتاج الى والى
عثمانى و اقترح تنصيب خورشيد باشا الذي كان فى الأسكندرية فوافق العلماء والمشايخ
على ان محمد على يكون نائبه و بعثوا للباب العالى فى الاستانه يبلغوه و
يطلبوا الموافقه فوافق السلطان العثمانى.
بعد ما تم تعيين أحمد خورشيد باشا والى على مصر لقى
ان محمد على مستأثراً بالنفوذ بسبب العسكر الألبان الذين هم تحت قيادته فخاف على نفسه و
واحضر عساكر مغاربهيطلق عليهم "الدلاتيه" كي يدعموه ويساندوه, لو استدعت الأمور ، و فهم محمد على قصد خورشيد باشا فراح
يجعل الدلاتيه يعاملوا سكان القاهره معامله قاسية و يقتلوا و ينهبوا بالإعتماد على
نفوذ خورشيد باشا وبذلك حرضهم على سكان القاهرة وحملهم على كره الدلاتية و خاصة العلماء و المشايخ .
دخول محمد علي مصر قائــد عسكر الارناؤود و الألبــان
انسحاب القوات الفرنسية من مصر سنة 1881
محمد على باشا
والى مصر.
فى اوائل مايو 1805 وصل لمحمد على قراراً بتعيينه
والى على جده فى شبه الجزيره العربيه ففرح خورشيد باشا بقرب
خلاصه منه و ألبسه رداء المنصب " الفروه و القارووق " ،وخرج محمد علي
على انه ذاهب الى جده لكن فى قرارة نفسه لم يكن يريد أن يترك مصر ، وكأنه يدرك أو يشعر بشيء غريب يربطه بهذه الأرض فلا شك أنه أحبها و يحب أهلها , و انتهز فرصة تمرد
العسكر ومطالبتهم بالعلوفه فقال لهم : " هـا الباشا عندكم طالبوه بها " في تلك الآونة ومن قبلها تقرب محمد علي الى القوى الشعبية الصاعدة وعلى رأسها الزعيم عمر مكرم .
ذهب محمد علي الى بيته فى الأزبكية و راح
يرمى ذهب على الناس و هو بالطريق حتى يكسب حب الناس و أيضاً يبعث فيهم كراهية خورشيد باشا. بعد ذلك حصل أمراً عجيباً وهو أن المشايخ بزعامة السيد الشيخ عمر مكرم زعيم الأمة ونقيب
الأشراف ذهبوا الى بيته و هم يهتفوا بنفس واحد: " مش عاوزين خورشيد باشا
والى علينا " ، فقال لهم محمد على و سألهم: " ماذا تريدون ؟ " ، فردوا عليه: " لا نريد أحد غيرك أنت". فتظاهر محمد على أنه لا يريد المنصب و ظل يشكر فى
خورشيد باشا و يهديهم لكن ظلوا يلحوا عليه حتى وافق ، فألبسوه الكرك و القفطان و أرسلوا لخورشيد باشا يطالبوه بالتنحي والنزول من القلعه ، و لما رفض خورشيد باشا المطلب الشعبي حاصروه فى القلعه وقد طلب محمد علي من جنوده الانحياز لارادة الجماهير حتى تمكنت الأهالي من اجبار خورشيد باشا على النزول من القلعة بالقوة وطرده خارج مصر مع المزامنة بما كتبوه للباب العالى بما حدث وعن مطالبهم الشعبية .
وفي 9 يوليه سنة 1805 صدر فرمان من السلطان العثمانى بعزل خورشيــد باشــا
و تنصيب وتعيين "محمد على" مكانه والياً على مصر ، فخرج خورشيد باشا من القلعه و من مصر و
هو مهزوم مقهور من محمد علي وكان هذا يوماً مشهوداً في تاريخ الأمة المصرية.
لكن الأمر لم يبدو طبيعياً بالنسبة الى السلطان العثماني من حيث وصول محمد علي الى السلطة وحكم مصر فقد ظل قلقاً من الطريقة والوسيلة التي ارتقى بها أريكة السلطة وهي "شرعية الشعب" التي غالباً ودائماً وأبداً ترفضها الدول الاستعمارية لأنها تؤدي في نهاية المطاف الى تحرير القرار الوطني الذي يفرض السيطرة والسيادة.
المماليك
كانوا هم أيضاً حاقدين على محمد
على بعد أن شاهدوا مكره و ألاعيبه و كيف استخدمهم لتحقيق أهدافه الشخصيه - الجدير بالذكر وهو ما سيتبين لنا لاحقاً أن محمد علي نعم كان هدفه الوصول الى السلطة وحكم مصر الا أن غايته كانت أكبر من ذلك فكانت غايته العبور بالبلاد الى آفاق عصر جديد مجيد - فثاروا عليه
بزعامة الأمير الألفى فيذكر انه عندما سمع ان محمد على تم تعيينه والى اتصل ببريطانيا و طلب منهم المساعده فى خلعه لكن القنصل الفرنسي عرف وعرقل الاتصال فدخل الألفى فى
مفاوضات للمصالحه ترضى الطرفين لكن لم يتوصلوا لإتفاق فإتصل الألفى بالإنجليز مرة أخرى عن طريق سفيرهم ، و بالفعل تدخلت بريطانيـا حيث استطاعت أن تقنع السلطان العثمانى بعزل محمد
على فبعث أسطول عثماني قبالة السواحل المصرية بالاسكندرية بقيادة "صالح باشا" يحمل فرماناً بنقل محمد علي الى ولاية "سالونيك" ومع هذا الأسطول "موسى باشا" ليحل محله لكن محمد علي بمكره ودهائه أثبت ولاءه وخضوعه لطاعة السلطان و سرعان ما اجتمع بالسيد / عمر مكرم زعيم الأمة ونقيب الأشراف فقررا معاً مواجهة الموقف والتصدي له من خلال عريضة قدمها عمر مكرم لقائد الاسطول صالح باشا هذه العريضة موقعة من زعماء الأمة المصرية بمقتضاها ترفض عزل محمد علي أو اعادة انتاج النظام البائد "المماليك" أو تعيين موسى باشا وكان ختام العريضة فقرة لن ينساها التاريخ وهي " نحن الموقعين لا نقبل كفالتهم فان شرط الكفيل القدرة على المكفول فان محمد علي هو كافل الأمة المصرية وحافظ ثغورها ومؤمِّن سبلها وقاطع المعتدين , وان الكافة والعامة والرعية راضية رضا تام بولايته وأحكامه وعدله والشريعة مقامة في أيامه ولا يرضون غيره لما رأوا فيه من عدل والرفق بالضعفاء وأهل القرى والأرياف ".وكان هذا متزامناً مع ما قام به محمد علي ومواليه من تقديم الهدايا والأموال الى صالح باشا وحاشيته , كما أمر محمد علي جنده من الألبان والأرناؤود رفض مغادرة البلاد قبل دفع رواتبهم المتأخرة خاصة ان الدولة العثمانية آنذاك عاجزة عن الدفع , وبمكاتبات بين السلطان العثماني وصالح باشا أوصاه بحرية التصرف بما يتوافق مع الصالح العام للامبراطورية العثمانية وبناء عليه تم الاتفاق على تولية وتثبيـت محمد على فى حكم مصر وفي عام 1806 صدر فرمان من السلطان العثماني بتثبيته على باشوية مصر لكن أمره
بإنه لا يتعرض للماليك حيث ان فيه عفو عام عنهم صدر. لكن المقادير ساعدت محمد على
حيث ان البرديسى ومن بعده الألفى ماتوا و تزعم المماليك شاهين بك ولم يكن
فى قوتهم فضعفت شوكة المماليك ومن ناحية اخرى استطاع ان يعقد معه عقد صلح فتفوقت قوة و مركز محمد على وبذلك أصبحت مصر في قبضة يد محمد علي شيئاً فشيئاً
حملة فريزر
ومن ناحية أخرى انجلترا رأت أن هذا كله ضد مصالحها
و نفوذها فبعثت حمله عسكريه على مصر بقيادة الجنرال فريزر ونزلت الى سواحل الاسكندرية في عام 1807 لاحتلال مصر من خلال استعادة السلطه للمماليك
وتحقيقاً لأهدافها وأغراضها ومطامعها من مصر،وبالفعل استطاعوا ان يحتلوا مدينة الأسكندرية بسبب خيانة حاكمها العثماني "أمين أغا" ثم زحفوا الى رشيد كمرحلة لاحتلال القاهرة لكن فى هذه الغضون المماليك تشتتوا وتفرقوا وضعفت قوتهم ومن ناحية اخرى استطاع محمد علي ان يعقد صلحا مع المماليك بالصعيد على أن يؤدوا له خراج الصعيد سنوياً ويشاركوه في محاربة الانجليز - الجدير بالذكر أن محمد علي كان حاكماً رشيداً وطنياً حكيماً يتحلى بالمكر والدهاء كانت المراسلات بينه وبين الزعيم عمر مكرم لا تنقطع أبداً من أجل عمل الترتيب اللازم لمقاومة الانجليز من خلال عمل خطة المقاومة الشعبية طرف أصيل فيها وكانت الخطة تتلخص في مقاومة الجماهير للانجليز بعد ابعاث الطمأنينة في قلوبهم بانسحاب الحامية فيدخلوا المدينة في أمان فينقض عليهم الأهالي وقد كان بعد دخول الانجليز المدينة وبعد أن أعياهم التعب والسير في الرمال من الاسكندرية الى رشيد انقضت عليهم المقاومة بكل عنف وشراسة وانضمت اليهم حامية المدينة وفتح المصريون نيران البنادق من الأسطح والمنازل ومن كل مكان فدب الرعب في قلوب الجنود البريطانية وانتهت الموقعة بانتصار المقاومة الشعبية على الاحتلال الانجليزي وتقهقروا الى الاسكندرية باتجاه أبي قير , أما في القاهرة فكان هناك العقل المدبر محمد علي وزعيم الامة عمر مكرم فقد حفر عمر مكرم خندقاً حول القاهرة وبنى الاستحكامات,وأرسل المتطوعين الى رشيد والأسكنددرية وبالنسبة الى محمد علي بادر بتعبئة الجيش لهزيمة الانجليز وقطعت قواته كافة خطوط الاتصالات بينهم وبين المماليك وتمكن محمد علي باستحقاق وجدارة من هزيمة الجيش البريطاني وكسر هيبتهم في معركة "الحماد" وبتلك المعركة وبهذا الانتصار الكبير اعتلى محمد علي مكانة كبيرة في أفئدة الناس فهو القائد والعقل المخطط لهذا الانتصار الكبير على بريطانيا العظمى فمكثت الحمله فتره على ساحل مصر و بعدها اتفقت بقيادة الجنرال فريزر مع محمد على باشا على الصلح و خرجت من مصر دون أن تحقق شيء. وانتهز محمد علي باشا الفرصة كعادته فاستطاع أن يتمكن من الاسكندرية ليبسط نفوذه عليها مروراً برشيد حتى عاد للقاهرة قائداً وبطلاً وزعيماً كما سر السلطان العثماني محمود الثاني , وأوفد رسولاً الى محمد علي يعرب له عن امتنان السلطان وهداياه ومن بينها سيفاً ثميناً,و خلعة , وكذلك أنعم على عمر مكرم بالرتب والخلع.
ونوضح الآن بعض الصور التي قد تعبر بعض الشيء عن الأحداث السالفة الذكر
زعيم الأمة المصرية ونقيب الأشراف السيد / عمـــر مكــرم
مشايخ القاهرة على رأسهم عمر مكرم طالبوا بتنصيب محمد علي واليا على مصر
محمد علي صاحب العينان الزرقاوتين والنظرة الحادة
مسجـد محمد علي بالقعلة